FR | EN
HOME | CAREER | CONTACT US
STUDENT   LOGIN


STUDENT LOGIN CALENDAR EVENTS & ACTIVITIES  
Recital Honoring Zaki Nassif

 ï»¿

مئوية زكي ناصيف: " حقيقة وطن، ومدرسة لا تموت"

لأن العظماء يخلدون بأعمالهم ومنجزاتهم، ولأنَّ من كتب بيراعة قوافيه تاريخ وطن حوّله الى أغنية ولحن، فإننا من المؤمنين أن هؤلاء النخبة ينتصرون على الأيام ويخرجون على الزمان بأحرفٍ تتجاوز حدود الأيام والساعات.

وحيث أن المدرسة المركزيّة، مدرسة رهبانيّة كنسيّة الطابع، لبنانيّة الهوى والمنشأ، مؤتمنة على هذا الوطن، ترى لزامًا عليها، كما كرّمت بالسياسة الرئيس شهاب عندما اشترت منزله وحوّلته الى متحف وطني بصفته "باني دولة المؤسسات"، تنتقل الى تكريم آخر تزرعه في طلابها، لمن حوّل الأغنية هويّة لبنانية واللحن مدرسة موسيقية، والصوت أداءً متفجرًا، وجدت في مئوية هذا الفنان مناسبة فريدة لترسيخ إرثه الفكري والفني في ذاكرة طلابنا؛

إنطلاقًا من هذه الروحية، أحيا طلاب الصفّ السّادس بفرعيه الفرنسي والإنكليزي حفلة غنائيّة وفاءً للراحل زكي ناصيف بمشاركة الفنان نادر خوري وهو من قدامى المركزيّة والفنانة كارلا رميا، بحضور أسرة المدرسة الإدارية والتربوية والجماعة الرهبانية، يتقدمهم رئيس المدرسة الأب طوني سلامه ومديرها العام الأب وديع السقيّم والذي تولى تلفزيون تيلي لوميار تسجيلها تمهيدا لبثها على شاشته.

 

وقبل الحفل الفني، قدّمت السيدة باميلا باسيل الاحتفال بكلمة عن صاحب التكريم:

" حين تقتربُ من محرابِ معبدٍ، دَعْ الصمتَ يسكُتُ في سكينةٍ دافئة، واجعل النسيم يلفحك وكأنّك في هيبة المصلّين أو النساك؛ واستظلّ أيّها العابد من شعاع الخجل لأنّك على أبواب المجد: مجد الأغنية اللبنانيّة الذي بنى من عمره أعماراً للوطن...

إنّه مشروع موسيقيّ على مساحةِ وطن، وأحلام شعب لا يموت...."

 

ثم أعقب المقدمة كلمة للمدير العام الأب وديع السقيّم عرّف فيها الحضور على النابغة اللبنانيّة حيث قال فيه:

" من النّادر جدًا في منطقِ الأوطان أن يُكرَّمَ أسطورةٌ من أهلِ الفنّ، فلا هو سياسيّ، ولا وريثَ عروشٍ نسجَهَا الزمان؛

ببساطةٍ، إنّه زكي ناصيف، إبنُ مشغرة، وقمرُها الذي شعَّ عليه، فزرعَ فيهِ روحَ الفطرةِ الموسيقيّةِ والإنتماءِ الوطني.

فيهِ ومعَهُ تشمُّ رائحةَ الترابِ، وترى الحياةَ بستانًا من الأزهار، جمعَهَا ولوّنَها بريشتِهِ التلحينيّة نغمًا وإيقاعًا وإنشادًا؛

هذا الملحّنُ الزاهدُ في الأضواءِ، لطالما استظلَّ فَيْءَ التواري، واستمدَّ من شعاعِ الخجلِ معبدَ الإبداعِ، فأضحَتْ موسيقاهُ تحملُ ملامِحَ أيقونيةٍ مثقّلةٍ ومشبّعةٍ بحبِّ الوطن.

ولكي يبقى زكي ناصيف صاحبُ المئويةِ من العمرِ، والمئوياتِ من الإنجازاتِ الفنيّةِ في ذاكرةِ وضميرِ طلاّبنا، ولكي لا تُدفنَ أعمالُ العظماءِ في مقبرةِ التاريخِ، أردنَا إنعاشَها وزرعَها في نفوسِ ناشئَتِنا علّهُم يتعرّفونَ على وطنِ زكي ناصيف الحالم، النقيّ، والمبدع...

أهلاً بكم أهلنا الكرام،

تعيشونَ لحظاتٍ وهمساتٍ من أفواهِ أولادِكم، ينشدونَ زكي ناصيف لحنَ صلاةٍ، وأنشودةَ حياةٍ، حيثُ يختلطُ فيهِ سكونُ اللّيلِ مع سكينةِ الأشواقِ الهادئةِ، فتتعانقُ الأرواحُ في سمفونيةِ عشقٍ تهلّلُ للحياة، وتتعالى فيها المشاعرُ بينَ صوفانيةِ الحبِّ وصهيلِ الوطنيّة..."

 

وعلى مدى ساعة متواصلة، كان ضجيج المسرح يتعانق مع أفواه وأصوات طلاب المركزيّة والموسيقى تصدح الى الأعالي، فيتراءى لك بمشهدية نادرة زكي ناصيف وطلّته المحببة؛ معه تتعالى رائحة التراب اللبناني، وبصوته نقرأ الطبيعة بأشواقها وأحلامها، وبوقفته نستنطق الورد ونطارد الفراشات، ونأمر السنابل أن تجود بقمحها.

زكي ناصيف أعادنا الى طفولة تتمرجح على أغاني الحبّ، ويعمّدها بماء الحنان قطرة قطرة، ببساطة كالبحر الساكن الموج، معه يستفيق الرماد فوق النار، ويصرخ "ميلي يا جنّات بلادي"، ويشعل لهيب المهاجرين حين يهتف "اشتقنا عَ لبنان"، وينادي من الأعماق ولهيب الأيام وبقلب ممشوق بلهفة "طلّوا حبابنا طلّوا"...

ووسط دموع الفرح، تشابكت الأيدي وتأبطت الأذرعة، وتزاوجت القلوب، وتناغمت الأقدام على وقع الأغنية الحماسية، وتحوّل حنين الدمعات الى صرخة لوطن الأرز "راجع راجع يتعمّر لبنان".