مروان خوري بدقيقة يوجّه رسالة إنسانيّة       نادر الأتات يغنّي "الكورونا" ويحثّ النّاس أن يبقوا بالبيت       يوسف الخال لـ يوسف الخال: "بضّل قد الذرّة بترابك"       تكريم أمين معلوف       هل جاكي شان مُصاب بفيروس كورونا؟       تعرف على أكثر الدول أمانا عالمياً وعربياً       حصل على اللقب وتوفّي... أكبر معمر بالعالم       لا علاج ولا لقاح حتى الآن لـ"كورونا"       فيروس كورونا يوقف جان يامان في إيطاليا       جورج وسوف يودّع والدته "ماما يا ماما"      
"مسارات في تاريخ بلدة المتين" وثائقي يستعيد صفحات لبنانية من القرن التاسع عشر

نقرأ في هذا الكتاب قصة تأريخية عن جبل لبنان من عهد الكفاف والأوبئة، إلى زمن التنافس على العلم والعمل، تزامناً مع الحرب الاجتماعية – الطائفية (1860)ØŒ وصولاً الى عهد المتصرفية الذي أشاع نظامه سلاماً وازدهاراً لم يعرفهما الجبل منذ زمن بعيد.
في كتاب  Ø´Ø±Ø¨Ù„ سمعان الوثائقي "مسارات في تاريخ بلدة المتين 1830 – 1918: جولة في سجلات كنيسة مار جرجس المارونية"ØŒ الصادر إصداراً خاصاً في حزيران 2014ØŒ يضع شربل سمعان النجار مقدمة طويلة (60 صفحة) تظهر شغفه بتاريخ جبل لبنان في منعطفه المضطرب أواسط القرن التاسع عشر (1840 – 1860)ØŒ وبحقبة استقراره وتمتعه بحكم ذاتي في عهد المتصرفية (1860 – 1914)ØŒ وصولاً الى الكارثة التي حلّت به في الحرب العالمية الاولى (1914 – 1918).
الجبل بين الفقر والأوبئةفي الرواية التأريخية الموثقة لصاحب الكتاب، كانت الديار المتنيّة لا تزال تعيش في زمن اكتفائي بدائي، قبل ولادة نظام المتصرفية من رحم الحرب الأهلية، الاجتماعية والطائفية المحلية، المتمفصلة على حرب إقليمية (حملة ابرهيم باشا المصري على سوريا وصولاً الى حدود الأناضول العثماني)، وعلى صراعات دولية أوروبية إمبريالية لوراثة تركة الامبراطورية العثمانية المنهارة. الرحالة الفرنسي هنري غيز الذي جال في نواح كثيرة من جبل لبنان في ثلاثينات القرن التاسع عشر، كتب أن بيوت الفلاحين غالباً ما تتألف من غرفة واحدة، هي في الوقت نفسه زريبة للمواشي والدواجن، ونوافذها صغيرة، إن وجدت. أما الأثاث فحصير وفرش ووسائد وصندوق ملون، وبعض الأواني الفخارية. نادراً ما كان يمر في البال طبيب في جبل لبنان. فلكل مرض شفيع، والوصفات نصفها كنسي، ونصفها رجم في غياهب التجربة. كان الطاعون شغل الناس الشاغل في الجبل، فأرسل الفرنسيون 4 أطباء لمداواة الأمير بشير وبطانته في بيت الدين.
التنافس على العلم والعملالمبعوثون والمرسلون اليسوعيون والبروتستانت، كانوا من العوامل الأساسية في تغيّر هذه الحال أو الصورة في الجبل: سكن المرسلون بيوتاً، جعلوا نوافذ في جدرانها، فرشوها بالأثاث، استعملوا الأواني، وطبخوا لأنفسهم ولغيرهم. تعلموا اللغة العربية، لهجاتها ولكناتها المحلية، مستمعين إلى الناس على كراسي الاعتراف. نشروا التعليم بين الصغار والكبار، وفعلوا فعلهم في عقول النخب الجبلية والعامة أيضاً. عمل الرهبان أيضاً في الطباعة، وكانت مطابعهم الأولى في المشرق. ولما ضيّق المرسلون البروتستانت الحصار على الرهبانيات، فبنوا مدرسة لهم في حمانا وأخرى في الشوير، طلب "الجيش الأسود" الرهباني المساندة من الكبوشيين، فبنوا في زمن قصير 9 مدارس تجاور مدارس البروتستانت في الشبانية وقرنايل وبزبدين وبكفيا وأرصون وعاريا وبعبدات والمتين وحمانا.هذه النهضة في الجبل سبقت انهيار النظام الإقطاعي، أسست له، وزامنته، فاتخذ الإنهيار شكل حرب اجتماعية – طائفية بين الدروز والمسيحيين، من دير القمر إلى زحلة، مروراً بالقرى المتنية المختلطة طائفياً. في البلدات والقرى المسيحية الصافية، كما في كسروان، اتخذ الصراع العنيف طابع انتقام طبقي، قام به الفلاحون الموارنة ضد أسيادهم المقاطعجيين أو الملاك الكبار، من مشايخ آل الخازن.يختتم النجار روايته هذه ببداية عهد المتصرفية (1861)ØŒ الذي أشاع نظامه سلاماً لم يعرفه الجبل منذ زمن بعيد، فعمَّ النمو والازدهار ويقظة التعليم، ونهضت صناعة الحرير وتجارته. وفي العام 1875 أنشأ الأكليروس الماروني مدرسة الحكمة، فاستقطبت تلامذتها من الطوائف والمناطق كافة، وأعدّت نخبة مختلطة ساهمت في تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1920.